إدارة الإفتاء

باب صلاة التطوع

باب صلاة التطوع
 
 
1) تعريف صلاة التطوع وفضلها :
 
التّطوّع شرعاً: طاعةٌ غيرُ واجبةٍ.
 
وصلاةُ التّطوّعِ أفضلُ تطوُّعاتِ البدنِ بعد الجهادِ، و تعلّمِ العلمِ وتعليمِهِ ؛ لأنّ الله تعالى قال في شأن الجهادِ: ﴿فَضَّلَ اللَّـهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً﴾ [النساء: 95]، وقال صلى الله عليه وسلم في شأن العلم: «فضلُ العالمِ على العابدِ كفضلِي على أدناكُم»، وقال صلى الله عليه وسلم عن الصّلاة: «واعلمُوا أنّ خيرَ أعمالِكُمُ الصّلاةُ» [رواه ابن ماجه].
 
2) أفضل صلاة التطوع :
 
وأفضلُ صلاةِ التَّطوُّعِ: ما سُنَّ فعلُه في جماعةٍ؛ لأنّه أشبهُ بالفرائضِ.
 
وآكدُ ما يسنُّ جماعةً: صلاةُ الكسوفِ؛ لأنّه صلى الله عليه وسلم فعلَها وأمرَ بها، ثمّ صلاةُ الاستسقاءِ؛ لأنّه عليه الصّلاةُ والسّلامُ كان يستسقي أحياناً، ويترك أحياناً أُخرى، ثمّ صلاةُ التَّراويحِ؛ لأنّها تسنُّ لها الجماعةُ، ثمّ الوترُ؛ لأنّه تُشْرعُ له الجماعةُ في التّراويحِ، وهو سنّةٌ مؤكّدةٌ.
 
3) صلاةُ الوِتْـرِ:
 
أ – عدد ركعات الوتر :
 
أقلُّ الوترِ ركعةٌ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «الْوِتْرُ رَكْعَةٌ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ» [رواه مسلم]، وأكثرُه إحدى عشْرةَ ركعةً؛ لقول عائشة رضي الله عنهـا: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يُصلِّي باللَّيلِ إحدى عشْرةَ ركعةً؛ يُوترُ منها بواحدةٍ» [متفق عليه].
 
- وأدنى الكمالِ ثلاثُ ركعاتٍ ؛ لحديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه مرفوعاً: قال: «الوتر حَقٌّ على كلِّ مسلمٍ؛ فمن أحبَّ أن يُوترَ بخمسٍ فليَفْعَلْ، ومن أحبَّ أن يوترَ بثلاثٍ فليفعلْ، ومن أحبَّ أن يوترَ بواحدةٍ فليَفْعَلْ» [رواه أبو داود، وصحّحه ابن الملقن وابن القطان].
 
وصفة الثلاث ، أن يصليها بسَلامَيْنِ - يصلِّي ركعتيْنِ ويُسلِّمُ, ثم يأتي بواحدةٍ ويُسلِّمُ-؛ لما رواه نافع: «أنّ عبد الله بن عمر كان يُسلِّم بين الرّكعتيْنِ والرّكعةِ فِي الوِترِ حتّى يأمرَ ببعضِ حاجتِهِ» [رواه البخاري].
 
- ويجوزُ صلاةُ الثلاث سرداً بسلامٍ واحدٍ؛ لحديث عائشة: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يوترُ بثلاثٍ لا يفصلُ فيهنّ» [رواه أحمد، وضعّفه].
 
ب- وقت الوتر :
 
ووقتُ الوترِ ما بين صلاةِ العشاءِ وطلوعِ الفجرِ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ زَادَكُمْ صَلَاةً وَهِيَ الْوِتْرُ؛ فَصَلُّوهَا فِيمَا بَيْنَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ إِلَى صَلَاةِ الْفَجْرِ» [رواه أحمد والأربعة إلا النّسائي، واللفظ لأحمد].
 
ج- موضع القنوتُ فِي الوِتْـرِ:
 
يستـحبُّ أن يقنتَ في الوترِ بعد الركوعِ؛ لأنّه صحَّ عنه عليه الصّلاة والسّلام من روايـةِ أبي هريرة رضي الله عنه « أَنَّ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَدْعُوَ عَلَى أَحَدٍ أَوْ يَدْعُوَ لِأَحَدٍ قَنَتَ بَعْدَ الرُّكُوعِ» [رواه مسلم].
 
ولَو قَنَتَ بَعدَ القِراءةِ وقبلَ الركوعِ جازَ؛ لحديث عاصمٍ عن أنسٍ قال: (سَأَلْتُهُ عَنِ الْقُنُوتِ قَبْلَ الرُّكُوعِ أَوْ بَعْدَ الرُّكُوعِ ؟ فَقَالَ: قَبْلَ الرُّكُوعِ. قَالَ: قُلْتُ: فَإِنَّ نَاسًا يَزْعُمُونَ أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَنَتَ بَعْدَ الرُّكُوعِ. فَقَالَ: إِنَّمَا قَنَتَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم شَهْرًا يَدْعُو عَلَى أُنَاسٍ قَتَلُوا أُنَاسًا مِنْ أَصْحَابِهِ يُقَالُ لَهُمُ الْقُرَّاءُ) [رواه مسلم].. وروي ذلك عن عمر وعلي والبراء رضي الله عنهم، ولا يُعلم لهم مخالفٌ.
 
د – ما يدعو به في القنوت :
 
ولا بأسَ أن يدعوَ المصلِّي في قنوتِ الوترِ بما شاءَ، وممّا وردَ في السُّنَّةِ: حديث الحسن بن علي رضي الله عنه قال: علّمني رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم كلماتٍ أقولهنَّ في قنوتِ الوترِ: «اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ، وَعَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْتَ، وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ، وَبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْتَ، وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيْتَ؛ إِنَّكَ تَقْضِى وَلاَ يُقْضَى عَلَيْكَ، وَإِنَّهُ لاَ يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ، وَلاَ يَعِزُّ مَنْ عَادَيْتَ، تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ» [رواه الخمسة، وحسّنه الترمذي].
 
ويقولُ في آخرِ قُنوتِهِ ما جاء في حديث علي رضي الله عنه: أنّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كان يقولُ في آخر وترِهِ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ لاَ أُحْصِى ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ» [رواه الخمسة، وقال الترمذي: حديث حسن غريب].
 
ثمّ يُصلِّي على النبي صلى الله عليه وسلم؛ لحديث الحسن بن علي في تعليم النبي صلى الله عليه وسلم لدعاء القنوت، وفي آخره: «وصَلَّى اللهُ عَلَى النَّبِيِّ» [رواه النسائي، وصحّحه النووي].
 
* [وعن عبد الله بن الحارث (أَنَّ أَبَا حَلِيمَة مُعاذًا القَارِي كَانَ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في القُنُوتِ) [رواه ابن نصر المروزي ، بإسناد صحيح] .
 
وهو ثابت من حديث إمامة أُبيّ بن كعب في قيام رمضان أنه (كَانَ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في آخِرِ القُنُوتِ) [رواه ابن خزيمة في صحيحه] ] .
 
- ويؤمِّنُ المأمومُ على دعاءِ إمامِهِ إنْ سمِعَهُ، ولا يُعلم في هذا خلافٌ.
 
- ثُمّ يمسحُ وجهَهُ بيديْهِ هُنَا فِي القنوتِ، وخارجَ الصَّلاةِ إذا دَعَا؛ لعموم حديث عمر رضي الله عنه: «كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إذَا رَفَعَ يَدَيْهِ فِي الدُّعَاءِ لَمْ يَحُطَّهُمَا حَتَّى يَمْسَحَ بِهِما وَجْهَهُ» [رواه الترمذيُّ، وصحّحه].
 
هـ - القنوت في غير الوتر :
 
ويُكرهُ القنوتُ فِي صلاةِ الصُّبحِ وفي غيرِها من الصلواتِ سوى الوترِ ، إلا إذا نزل بالمسلمين نازلة ، فيجوز للإمام وحده أن يقنت .
 
ويدل لكراهة القنوت في غير الوتر على الدوام حديث أبي مالك الأشجعي قال: قلت لأبي: يا أبت إنّك قد صليتَ خلفَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وأبي بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعليٍّ ههنا بالكوفة نحواً من خمسِ سنينَ؛ فكانوا يَقْنُتون في الفجرِ؟ قال: «أي بنيّ مُحْدَثٌ» [رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه، واللفظ له، وقال الترمذي: «حديث حسن صحيح»].
 
ودليل جوازه في النازلة حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال : (لأُقَرِّبَنَّ بِكُمْ صَلاةَ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيهِ وَسَلَّمَ , فَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَقْنُتُ في الرَّكْعَةِ الأَخِيرَةِ مِنْ صَلاةِ الظُّهْرِ وَالعِشَاءِ الآخِرَةِ وَصَلاةِ الصُّبْحِ بَعْدَ ما يَقُولُ: سَمِعَ الله لِمَنْ حَمِدَهُ, فَيَدْعُو لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَلْعَنُ الكُفَّارَ) [متفق عليه].
 
4) أفضلُ الرَّواتِبِ:
 
أفضلُ الـرّواتبِ سُنّةُ الفجرِ؛ لحـديث عـائشة رضي الله عنها عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال: «رَكْعَتا الفجرِ خيرٌ مِنَ الدُّنْيا ومَا فِيها» [رواه مسلم]. ثمّ سنّةُ المغربِ؛ لما رواه رجلٌ عن عبيد مولى النبي صلى الله عليه وسلم أنّه سُئل: أكانَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يأمرُ بصلاةٍ بعدَ المكتوبةِ أو سِوى المكتوبةِ؟ قال: «نَعَمْ بينَ المغربِ والعشاءِ» [رواه أحمد، وإسناده ضعيف]. ثم باقي الرّواتبِ سواءٌ في الفضيلةِ.
 
5) الرَّواتِبُ المُؤكَّدةُ:
 
الرّواتبُ المؤكَّدةُ عشرٌ، وهي: رَكْعتانِ قبلَ الظُّهرِ، ورَكْعتانِ بَعْدَها، ورَكْعتانِ بَعْدَ المَغْربِ، ورَكْعتانِ بَعْدَ العِشاءِ, ورَكْعتانِ قبلَ الفَجْرِ؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: «حَفِظتُ من النّبىِّ صلى الله عليه وسلم عشرَ رَكَعَاتٍ: رَكْعتَيْنِ قبلَ الظُّهرِ, ورَكْعتَيْن بَعْدَها, ورَكْعتَيْنِ بَعْدَ المَغْربِ فِي بَيْتِهِ, ورَكْعتَيْنِ بَعْدَ العِشاءِ فِي بَيْتِهِ، ورَكْعتَيْنِ قبلَ صلاةِ الصُّبحِ, وكانتْ ساعةً لَا يُدْخلُ على النّبىِّ صلى الله عليه وسلم فِيها؛ حَدَّثَتْنِي حفصةُ أنّهُ كانَ إذا أذَّنَ المُؤذِّنُ وطلعَ الفجرُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ» [متّفق عليه، واللّفظ للبخاري].
 
6) قَضاءُ الرَّواتِبِ والوِتْر :
 
ويُسَنُّ قضاءُ الرّواتبِ والوترِ؛ لحديث أنس رضي الله عنه مرفوعاً: «مَنْ نَسِيَ صَلَاةً أَوْ نَامَ عَنْهَا فَكَفَّارَتُهَا أَن يُّصَلِيَها إذَا ذَكَرَهَا» [متفق عليه، واللّفظ لمسلم]، وهذا يعمّ كلّ صلاة، ولأنّه عليه الصّلاة والسّلام قضى الرّكعتين اللّتين قبل الظهر بعد العصر ، وقال لأمّ سلمة رضي الله عنها لما سألته عنهما: «إنّه أتاني ناسٌ من عبدِ القَيْسِ بالإِسلامِ منْ قومِهِم , فشغلُونِي عنِ الرّكعتينِ اللّتينِ بعدَ الظُّهرِ؛ فهُما هاتانِ» [متّفق عليه].
 
ولكنْ الأَوْلى تركُ قضاءِ ما فاتَ منَ الرّواتبِ مع فرضِهِ وكان كثيراً؛ لحُصولِ المشقّةِ بقضائِهِ، إلّا سنّةَ الفجرِ فإنّهُ يَقضِيها مطلقاً؛ لتأكُّدِها.
 
7) صَلاةُ التَّطَوعِ في البَيتِ :
 
وصلاةُ التَّطوُّعِ في البيتِ أفضلُ إلّا ما تُشرعُ لهُ الجماعةُ من النّوافل كالتراويح ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «صَلُّوا أيُّها النّاسُ فِي بيوتِكُم؛ فإنّ أفضلَ الصّلاةِ صلاةُ المرءِ فِي بيتِهِ إلّا المكتوبةَ» [متّفق عليه، واللّفظ للبخاري].
 
8) الفَصْلُ بَينَ الفَرْضِ وَالسُّنَّة :
 
ويُسَنُّ للمُصلِّي أن يفصِلَ بين الفَرْضِ وسُنّتِهِ بقِيامٍ أو كَلامٍ؛ لقول معاوية رضي الله عنه: «إِنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أَمَرَنَا بِذَلِكَ أَنْ لاَ تُوصَلَ صَلاَةٌ بِصَلاَةٍ حَتَّى نَتَكَلَّمَ أَوْ نَخْرُجَ» [رواه مسلم].
 
9) صلاةُ التَّراويحِ:
 
وهي سنّةٌ مؤكّدةٌ، وعددُ ركعاتها عشرونَ ركعةً، تُصلّى جماعةً في ليالي شهرِ رمضانَ؛ وذلك لما جاء عن السائب بن يزيد قـال : «كُنَّا نَقُومُ في زَمَنِ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ بِعِشْرِينَ رَكْعَةً وَالوِتْرِ )» [رواه البيهقي، وصححه ابن الملقن والنووي]. ولقوله صلى الله عليه وسلم : «مَنْ قَامَ مَعَ الإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ كُتِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ» [رواه الخمسة، وصحّحه التّرمذي].
 
10) وَقتُ صَلاةِ التَّراويح:
 
ووَقْتُها مَا بينَ صَلاةِ العِشاءِ والوِتْرِ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «اجْعَلُوا آخِرَ صَلَاتِكُمْ بِاللَّيْلِ وِتْراً» [متفق عليه].
 

وزارة الاوقاف و الشؤون الاسلامية - دولة الكويت - إدارة الإفتاء